ثقافة ومجتمعحول العالم

أول حكام العراق: أحبه العراقيين ولقبوه بــ “أبو الفقراء” ..  عبد الكريم قاسم زعيما وطنيا أم ديكتـ.ـاتور ؟

أول حكام العراق: أحبه العراقيين ولقبوه بــ “أبو الفقراء” ..  عبد الكريم قاسم زعيما وطنيا أم ديكتـ.ـاتور ؟

ديلي سيريا _ فريق التحرير

أبو الفقراء، رجل الدولة البسيط مؤسس الجمهورية العراقية وأول من طرح فكرة ضم الكويت

أحبه العراقيين رغم أعـ.ـداءه الكُثر  ورفض مواجـ.ـهة الإنقلاب عليه ليلقى حتـ.ـفه رميا بالرصـ.ـاص

من مدرس فقير إلى زعيم وطني .. عسكري ناجح وسياسي محدود .. كـ.ـرهه عبد الناصر والبعثيون

ونجحوا بإسقاطه في النهاية، وهو أول رؤساء العراق وأكثرهم جدلًا حتى اليوم.

ولد القاسم في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1914، في محلة المهدية أحد أحياء بغداد الفقيرة

وعمل والده نجارا في الحي حتى أجـ.ـبروا على الانتقال خارج بغداد بسبب سوء أحوالهم المعيشية.

ليعمل عبد الكريم في الفلاحة وهو في السادسة في محاولة منه لمساعدة عائلته ومن ثم عادوا إلى بغداد

ليتخرج من مدارسها ويقرر العمل كمدرس بهـ.ـدف تحسين أوضاع عائلته.

إلا أنه وبعد توظيفه ارتفعت مشـ.ـاكله المالية وعايش فقراء القرى العراقية ليبدأ البحث عن أسباب فقرهم

ليجد أن الإقطاعية هي السبب الرئيسي والتي يدعمها الحكم الملكي في البلاد.

عبد الكريم قاسم زعيم وطني

فقرر التوجه للعمل في الجيش بهدف مساعدة الفقراء وتمكينهم في المجتمع، ومن هنا انطلـ.ـقت أولى الخطوات للوصول إلى الحكم.

دخل القاسم الكلية العسكرية عام 1932 بمساعدة أحد معارفه وهو “محمد علي جواد” قائد القوة الجوية آنذاك

وخرج منها بعد عامين برتبة ملازم ثان، وتدرج بالرتب حتى وصل لرتبة نقيب وعندها قرر دخول كلية الأركان ليتخرج منها بمرتبة تفوق عام 1943.

وأرسل بعدها إلى لندن ليشارك بدورة عسكرية لضباط الأركان ومن ثم عاد للعراق ليتدرج بالرتب حتى وصل لرتبة عميد ركن

ومع حلول عام 1956 لفت انتباه اللجنة العليا للضباط الأحرار والتي كانت تخطط لتنفيذ انقلاب ضد الملكية في العراق.

وسرعان ما وافق على الانضمام لهم في الوقت الذي كان فيه قد أسس تنظيم يدعى المنصورية

والذي كان يحمل ذات الأهداف بالاشتراك مع صديقه “عبد السلام عارف” ليقرر دمج الاثنين مع بعض في تنظيم واحد ومن ثم بدأوا في إعداد الخطة لتنفيذ الإنقلاب.

الإنقلاب على الملكية و قيام الجمهورية العراقية

وضع التنظيم سريعاً خطة الإنقلاب دون تحديد وقت التنفيذ، وهو ما استغله كل من عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف

ففي صباح الرابع عشر من يوليو عام 1958 طلبت الأردن المساعدة من العراق بسبب التخوف من انطلاق ثورة في لبنان.

فقررت الحكومة العراقية إرسال لواء مكون من ثلاثة أفواج وكان من بينهم فوج تحت قيادة العارف، وهنا قرر الصديقان تنفيذ الخطة بتغيير مسار الفوج إلى بغداد.

وبالفعل نجح عارف باقناع قائد الفرقة بأنه سيلحق به إلى الأردن بعد ذهابه إلى بغداد ليتجه مع فوجه إلى العاصمة ونجح خلال مدة قصيرة بالسيـ.ـطرة على المراكز الحيوية للنظام.

حتى سيطر على مبنى الإذاعة، ليذيع بيان الثورة معلنا قيام “الجمهورية العراقية” ونهاية النظام الملكي في البلاد

ليحكم التنظيم بذلك قبضته على البلاد بعد قتـ.ـل واعتـ.ـقال من تبقى من العائلة الملكية.

ومن ثم خرج ببيان جديد عين فيه عبد الكريم قاسم رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسـ.ـلحة ووزيرا للدفاع بالوكالة

فيما عُين عارف نائبا ووزيرا للداخلية وبات بيدهم أعلى سلطة في العراق.

وعُين محمد نجيب الربيعي، رئيسا للدولة بسلطات محدودة وكان أشبه برئيس فخري، لتبدأ بعدها حقبة جديدة في تاريخ العراق وحياة من لقبه العراقيون بالزعيم أبو الفقراء.

القائد الزعيم .. أبو الفقراء “عبدالكريم قاسم”

منذ تسليمه مقالد السلطة انطلق القاسم لمساعدة الفقراء، فاتجه أولا للقطاع الزراعي ليصدر قانون الإصلاح الزراعي الذي حرر الفلاح من الإقطاعيين.

ومن ثم أطلق قانون من أين لك هذا الذي دقق وفتش في نزاهة المسؤولين بالدولة، وبعدها كان قانون الأحوال الشخصية

الذي يحمي المرضى وأصدر أبرز القوانين التي انعكست على اقتصاد العراق وهو تأميم النفط العراقي ما أدى إلى انتعاش الاقتصاد بشكل كبير.

وخلال فترة حكمه شهدت البلاد نهضة عمرانية كبيرة ففي عهده تم بناء “مطار بغداد الدولي” وملعب الشعب الدولي بالإضافة إلى أكثر من 2000 مدرسة ومعها 776 مدرسة لمحو الأمية.

وتم بناء عشرات المشافي والمجمعات الطبية ناهيك عن عشرات المشاريع السكنية التي أمنت السكن لمئات الآلاف من العراقيين.

أما أبرز الإنجازات التي لا تزال شاهدة على حكمه حتى اليوم هو إنشاء مدن الثورة والشعلة واليرموك وزيونة إذ يعود الفضل له ي بناء تلك المدن التي لا تزال حاضرة حتى اليوم

ومع كل تلك الإنجازات يوجد المئات من المشاريع الأخرى من جسور وبنى تحتية بالإضافة إلى المصانع والمعامل وأخر إنجازاته كانت بناء المخافر الحدودية العراقية ووضع دعامات الحدودية على كافة دول الجوار.

وكل تلك المشاريع عادت بالفائدة على الفقراء ليطلق عليه العراقيون لقب أبو الفقراء خصوصا بعد قانون الإصلاح الزراعي والمشاريع السكنية.

رجل الدولة وعبدالسلام عارف

رغم اشتراكه في الانقلاب وتسلمهم السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد إلا أن الخـ.ـلافات ظهرت بسرعة بين الصديقين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.

وأحد أكبر أسباب الخـ.ـلاف كان عدم تنفيذ قرار اللجنة العليا للضباط الأحرار المتمثل في تشكيل مجلس لقيادة الثورة ما أدى إلى تفاقم العلاقات بين الطرفين.

فالثاني كان من أشد المدافعين عن الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة فيما رفض القاسم الفكرة إطلاقا

ما دفع العارف لمهاجـ.ـمته في خطابات علنية بالإضافة إلى ارتفاع شعبيته وكأنه هو قائد الانقلاب.

وما هي إلا أشهر حتى تم عزل عارف من منصبه وأبعد عن العراق بتعيينه سفيرا في ألمانيا الغربية، ورغم ذلك عاد بعد فترة قصيرة ليتهم بتدبير محاولة انقلاب ضد القاسم.

اُعتقل العارف وحكم عليه بالإعـ.ـدام بتهـ.ـمة الخيانة الكبرى حتى تم تخفيف الحكم بالسجن مدى الحياة، لتبقى الدولة بيد رجل واحد فقط هو عبد الكريم قاسم.

ومع توسيع قبضته الأمنية على معارضيه في البلاد حتى تحول للقائد الوحيد والأوحد ما شكل له الكثير من المعارضين

وكان على رأسهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي يُعتبر الأب الروحي لمشروع الوحدة العربية.

ومعه البعثيون في العراق الذين وصفوا القاسم بالديكتاتور خصوصا بعد ما فعله بصديقه عبد السلام عارف، إلا أن القاسم لا يعلم أن نهايته ستكون على يد صديقه القديم.

الكويت عراقية وشكوى لمجلس الأمن

حصلت الكويت على استقلالها عام 1961 وسرعان ما أرسل القاسم برقية لشيخ الكويت يبلغه فيها سروره باستقلال الكويت

إلا أنه بعد أيام قليلة عقد مؤتمرا صحفيا في مبنى وزارة الدفاع وبحضور صحفيين أجانب.

وقال أن الكويت تتبع للعراق ووصفها بأنها قضاء عراقي يتبع لمحافظة البسط العراقية، وأثيرت المشكلة من جديد في مجلس الأمن

وأيضا كانت من طرف القاسم حيث تقدم بشكوى لمجلس الأمن بسبب تواجد القوات البريطانية في الكويت. 

ليُطرح مشروعان لحل المشـ.ـكلة ورغم ذلك فشـ.ـل مجلس الأمن في حلها، ليُعاد مناقشتها في الجامعة العربية والتي قررت إرسال قوات عربية لتحل محل القوات البريطانية.

سرعان ما انسحب العراق من المناقشات احتجاجا على ارسال القوات الأمر الذي وصفه الكثيرون بأنه لم يرض القاسم

وكان يسعى للسيطرة على الكويت سلميا بحجة الحماية بدلا من بريطانيا.

نهاية الزعيم .. عبدالكريم قاسم زعيم وطني أم ديكتاتور ؟

مرت سنوات على حكم عبد الكريم قاسم مع الكثير من الاضطرابات التي ضربت حكمه حتى حلت ساعة النهاية ففي صياح الثامن من فبراير عام 1963.

حيث قرر البعث العراقي الإطاحة بالقاسم بعد الاتفاق مع القوميين العراقيين، وخصوصاً أنصار عبد السلام عارف ما مكنهم من الحصول على دعم قسم كبير من الجيش.

لتتحرك الدبابات نحو بغداد للسيـ.ـطرة على المواقع الحيوية وإعلان قيام ما اسموه الثورة، وانطلقت الدبابات لتسـ.ـيطر على مراكز القوى في العاصمة.

وفي تلك الأثناء كان عبد الكريم قد وصل لمبنى وزارة الدفاع الذي تحول حينها لحصن عسكري تملأه المتاريس

وتقول المصادر حينها أن عدد كبير من أهالي بغداد طالبوا القاسم بمنحـ.ـهم السـ.ـلاح للدفاع عن حكمه إلا أنه رفض وقرر مواجـ.ـهة الانقلابيون بنفسه.

وبعدما وصل الانقلابيون للمبنى وكان على طليعتهم صديقه القديم “عبد السلام عارف”، أُجبر عبد الكريم على الخروج هو ورفاقه من المبنى ليتحصنوا في قاعة الشعب القريبة منه.

وبعد ساعات اتفق مع العارف على تسليم نفسه مقابل تقديمه لمحاكمة عادلة، واعتقل القاسم ومعاونيه من القاعة

وتم تصفية رفاقه على الفور وسيقوا إلى دار الإذاعة والتيلفزيون ليخضعوا لمحاكمة ميدانية لم تستمر أكثر من دقائق.

وأُعدم عبد الكريم القاسم ومعاونيه رميا بالرصـ.ـاص وبُثت صورعم عبر التلفزيون العراقي، لتنتهي أسطورة الزعيم الوطني في العراق

ويرحل الرجل الذي أطلق عليه العراقيون أبو الفقراء فيما لقبه معارضوه وأصدقاؤه القدامى بالديكتاتور,

وما بين الزعيم والديكتاتور بقيت إنجازات القاسم حاضرة حتى اليوم، فهل كان عبد الكريم قاسم زعيما وطنيا أم ديكتاتور؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى