ثقافة ومجتمع

ساند الثورة الجزائرية وانقـ.ـلب عليه حافظ الأسد وسجنه 22 عاماً.. نور الدين الأتاسي آخر رئيس سوري قبل بدء عهد “إلى الأبد”!

ساند الثورة الجزائرية وانقـ.ـلب عليه حافظ الأسد وسجنه 22 عاماً.. نور الدين الأتاسي آخر رئيس سوري قبل بدء عهد “إلى الأبد”!

ديلي سيريا – وكالات

عند احتـ.ـلال الجيش الإسرائيلي لهضبة الجولان في عام 1967، كان الدكتور نور الدين الأتاسي على رأس السلطة في الجمهورية العربية السورية.

ونجح “الأتاسي” بالوصول إلى السلطة بعد قيامة بانقـ.ـلاب عسكري قاده بنفسه ضـ.ـد رئيس مجلس الرئاسة اللواء أمين الحافظ، حيث كان ذلك في عام 1966.

وبقيّ “نور الدين الأتاسي” على رأس الحكم إلى أن تمكن وزير دفاعه “حافظ الأسد” من الإنقـ.ـلاب عليه سنة 1970، والاستحواذ على السلطة.

حينها قام حافظ الأسد بوضعه في سجـ.ـن المزة العسكري بدمشق لمدة 22 عاماً

ثم أفـ.ـرج عنه عام 1992 بعد أن تراجـ.ـعت حالته الصحية، ليسافر بعدها إلى باريس لتلقي العلاج، فوافـ.ـته المنيه هناك عن عمر ناهز 63 عاماَ.

النشأة والتكوين

ولد نور الدين محمد علي فؤاد الأتاسي في محافظة حمص عام 1929، ودرس الطب في جامعة دمشق

وتخرج منها سنة 1955، وانتمى لحزب البعث، وكان على رأس تنظيم الحزب في جامعة دمشق.

والده محمد علي الأتاسي، وجدّه القاضي والشاعر فؤاد الأتاسي، ووالدته ابنة عمر الأتاسي أحد أعيان مدينة حمص.

وهو متزوج من السيدة سلمى الحسيبي وله ولدان السيدة آية الأتاسي والكاتب المعارض محمد علي الأتاسي

توفـ.ـي والده وهو طفل، فتربى في كنف جده فؤاد، وأخذت شخصيته تنمو بحضوره مجالس جدّه، حيث كانت تضم نخبة الشخصيات الاجتماعية والثقافية.

درس في مدارس مدينة حمص، وشارك في التظاهرات التي كانت تخرج ضـ.ـد الاحتلال الفرنسي

واعتـ.ـُقل أول مرة وهو في سن صغير، بسبب نشاطه وتوزيعه المنشورات التي تـ.ـندد بالاحتلال، وتدعو طلاب المدارس والأهالي إلى العصـ.ـيان ضـــ.ـد الفرنسيين.

توجهاته الفكرية

كان نور الدين الأتاسي شديد التأثر بالأفكار الماركسية خاصة عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات على مستوى السياسة والاقتصاد.

وقال بعض المؤرخون عنه أنه بقي وفياً لأفكاره هذه حتى وفـ.ـاته المنية، إذ كان لهذه الأفكار أثر كبير في توطيد علاقاته مع روسيا

التي وقفت بجانبه وقدمت له الدعم السياسي والعسكري خلال فترة توليه حكم الجمهورية السورية، والتي كانت مدتها أربع سنوات.

حياته السياسية

انتمى نور الدين الأتاسي إلى حزب البعث في سنة 1944، وبعد ذهابه إلى دمشق لإكمال دراسته الجامعية في كلية الطب عام 1948.

توطدت علاقته بميشيل عفلق وأكرم الحوراني، وتوسع نشاطه الحزبي، وأصبح رئيساً لمنظمة الطلبة التابعة لحزب البعث، في جامعة دمشق، حتى تخرجه سنة 1955.

كانت له عدة نشاطات أثناء دراسته الجامعية في دمشق، فقد قاد التظاهرات ضـ.ـد حكم أديب الشيشكلي

وتم اعتـ.ـقاله عام 1952 إثر التظاهرات التي حدثت في ذكرى نكبة فلسطين، ورفـ.ـض التوقيع داخل السـجـ.ـن على تعهد بترك العمل السياسي.

حينها تم تحويله إلى سجـ.ـن تدمر سـ.ـيء السيط، ليبقى فيه لمدة خمسة أشهر، بعدها تم نقله إلى سجـ.ـن المزة سنة 1953

وبعد أن قام بالإضـ.ـراب عن الطعام مع عدد من السجـ.ـنـاء، أخلي سبيله وعاد إلى جامعته.

في ذلك الوقت لم يترك “الأتاسي” النشاطات السياسية السـ.ـرية في حزب البعث، وتابع قيادته للتظاهرات ضـ.ـد حكم الشيشكلي.

واعتـ.ـقل مرة ثانية وسجـ.ـن في القلعة لمدة شهرين، ثم أطلق سـ.ـراحه ليعيش حياة التخفي عن السلطات، حتى سقـ.ـوط حكم الشيشكلي، في شباط/ فبراير عام 1954.

تطوعه لخدمة الثورة الجزائرية

في تلك الفترة ومع اندلاع الثورة الجزائرية، قرر “الأتاسي” أن يتطوع مع عدد من الأطباء السوريين

لتقديم خدماتهم للثورة الجزائرية، حيث نشط في عمله كطبيب بالقرب من الحدود التي تفصل تونس عن الجزار

وهناك تعمقت العلاقة مع رفاقه الأطباء زعين وإبراهيم ماخوس.

وقد أُطلق عليهم فيما بعد صفة “الأطباء الثلاثة”، حيث قاموا بتأسيس فريقهم السياسي الخاص داخل حزب البعث

وقاموا بمتابعة نشاطاتهم السياسية بعد أن عادوا من الجزائر سنة 1958، عندما شهدت تلك الفترة بداية الوحدة بين مصر وسوريا.

في ذلك الوقت عاد “الأتاسي” ليمارس الطب لفترة قصيرة، خلال الوحدة مع مصر، حيث عمل في مستشفى دمشق.

ثم عاد إلى مسقط رأسه ليعمل في مستشفى حمص الوطني، إلى أن حصل انقـ.ـلاب عام 1963، هذا الإنقـ.ـلاب الذي جعله يعلن نشاطاته السياسية.

وكان من أبرز الأسباب التي جعلته يكون في واجهة أعضاء القيادة القطرية برفقة “الأطباء الثلاثة”.

وزيراً للداخلية

تسلم الأتاسي وزارة الداخلية بعد أن سيـ.ـطر حزب البعث على السلطة في سوريا عام 1963

وكان ذلك في عهد حكومة صلاح الدين البيطار، ليبقى في منصب وزير الداخلية أيضاً مع حكومة أمين الحافظ الأولى حتى منتصف عام 1964.

رقيّ بعدها وأسندت إليه مهمة نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة الحافظ الثانية حتى أيلول/ سبتمبر 1965.

إضافة إلى استلامه مكتب الرقابة والتفـ.ـتيش وشؤون الموظفين، وأصبح أيضاً أحد خمسة أعضاء كونوا مجلس رئاسة الدولة.

رئيساً للجمهورية

في عام  1966 وبعد حركة 23 شباط/ فبراير داخل حزب البعث، التي عرفت بالانقـ.ـلاب العسكري العاشر في سوريا خلال 20 عام

استلم الأتاسي على إثره رئاسة الجمهورية العربية السورية، ليصبح رئيساً للجمهورية وأميناً عاماً لحزب البعث في الوقت نفسه.

في تلك الفترة كانت تربط الأتاسي علاقة مميزة مع الاتحاد السوفياتي، حيث وقعت حينها بين الطرفين اتفاقية

بناء سد الفرات عام 1966، كما أقام علاقات دبلوماسية جيدة مع دول الجوار، إذ تم خلال فترة حكمه إعادة تبادل السفراء بين سوريا ومصر.

وبقي الأتاسي على رأس السلطة في سوريا لفترة امتدت لأربعة أعوام

شهدت هذه الفترة حـ.ـرب حزيران عام 1967 مع إسرائيل التي تمكنت آنذاك من احتـ.ـلال هضبة الجولان السوري.

استقالته عن السلطة وانقـ.ـلاب حافظ الأسد

بعد خسـ.ـارة هضبة الجولان السوري، رفـ.ـض وزير الدفاع آنذاك “حافظ الأسد” أن يتحمل مسؤولية ذلك

عندها أراد “الأتاسي” أن ينشأ جبـ.ـهة وطنية واسعة وبالانفتاح على بقية القوى السياسية.

في ذلك الوقت دخل “الأتاسي” والأمين العام المساعد صلاح جديد في خـ.ـلاف كبير مع وزير الدفاع حينها “حافظ الأسد”

وبلغ الخـ.ـلاف ذروته في أحداث “أيلول الأسود” في الأردن.

وكان الخـ.ـلاف على رغبة “نور الدين الأتاسي” بإرسال قوات سورية لمساندة الفلسطينيين.

الأمر الذي عارضه “حافظ الأسد”، فأرسل الأتاسي القوات السورية دون موافقة الأسد، فقام الأخير بعدم دعم القوات جوياً.

على إثر ذلك استقال الأتاسي من منصبه في 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 1970

احتجـ.ـاجاً على تدخل الجيش في السياسة، وعلى ممارسات رفعت الأسد، شقيق وزير الدفاع آنذاك “حافظ الأسد”.

بعد استقالة نور الدين الأتاسي أصبح هناك فراغ في مناصب الدولة الثلاث الرئيسية

وتم توجيه الدعوة لعقد المؤتمر العاشر الاستثنائي لحزب البعث، الذي قرر فـ.ـصل كل من حافظ الأسد، ورئيس الأركان مصطفى طلاس من منصبيهما.

نور الدين الأتاسي وزير دفاعه حافظ الأسد

وهنا كانت اللحظة التاريخية التي ما زالت أثارها حتى يومنا هذا، إذ قام حينها “طلاس” بانقـ.ـلاب عسكري

نحج فيه بالإطاحة بكل من نور الدين الأتاسي وصلاح جديد، حيث تم عــ.ـزلهما عن منصبهما، وأودعا آنذاك في سجـــ.ـن المزة العسكري.

امتدت فترة سجـ.ـن نور الدين الأتاسي إلى 22 سنة، أصيب وهو داخل السجـ.ـن بمـ.ـرض السـ.ـرطان.

ليتم نقله إلى مستشفى تشرين العسكري الذي بقي فيه مدة أربعة أشهر قبل أن يتم الإفـ.ـراج عنه بعد أن انتشر المـ.ـرض في أنحاء جسده.

سافر بعدها إلى فرنسا من أجل تلقي العلاج، لكنه تــ.ـوفي في المستشفى بعد عشرة أيام في مثل هذا اليوم 2 ديسمبر/كانون الأول من عام 1992.

حيث أعيد جـ.ـثمانه إلى مسقط رأسه مدينة حمص التي دفـ.ـن فيها، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى