ثقافة ومجتمع

سنغافورة من جزيرة فقيرة يملؤها البعوض إلى أقوى اقتصادات العالم .. هكذا صنع “لي كوان يو” نهضة سنغافورة

سنغافورة من جزيرة فقيرة يملؤها البعوض إلى أقوى اقتصادات العالم .. هكذا صنع “لي كوان يو” نهضة سنغافورة

ديلي سيريا _ فريق التحرير

من جزيرة فقيرة يملؤها البعوض إلى أقوى اقتصادات العالم، هكذا أسس “لي كوان يو” سنغافورة التي تعرفها اليوم.

لم تكن سنغافورة أكثر من مستعـ.ـمرة بريطانية فقيرة، أصبح لي كوان يو رئيس الوزراء فيها عام 1959 بعد انتخابات ديمقراطية.

انضمت سنغافورة إلى الإتحاد الماليزي عام 1963 عقب الاستقلال عن بريطانيا ولكن بعد سنتين فقط قررت ماليزيا التخلي عنها وأصبحت بذلك سنغافورة دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع.

لحظة بكى فيها “لي كوان يو” فماذا يفعل ببلاد فقيرة تغمرها المستنقعات ويملؤها البعوض، ومساحتها لا تتجاوز 720 كيلو مترا مربعا

ولا يجمع شعبها لغة أو قومية أو تاريخ مشترك، وفوق كل ذلك لا نفط فيها ولا ذهب للبيع.

المصائب قد تجلب العجائب

قبلَ لي كوان يو التحـ.ـدي ومعه فريق من أفضل الخبراء بحكومته، ووضعوا خطة للنهوض بالبلاد عبر جذب الاستثمارات الأجنبية

ودفع السنغافوريين للتعلم بأي وسيلة وصرف النظر عن السياسة تماما فالوقت الآن هو وقت العمل فقط.

استطاعت سنغافورة دخول صناعات بناء السفن وهندسة المعادن والبتروكيماويات والأدوات الكهربائية واستثمرت بها أكبر الشركات العالمية مثل “شل” و”إيسو”.

وبحلول التسعينيات أصبحت ثالث أكبر مركزا لتكرير النفط في العالم وثالث أكبر مركز لتجارة النفط بعد نيويورك ولندن

وتصدرت العالم في إنتاج البتروكيماويات وأصبح ميناء سنغافورة من أكثر موانئ العالم ازدحاما.

في تلك الأثناء كان عموم الشعب متعلمًا ويتحدث اللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة رسمية في البلاد.

نهضة سنغافورة

وبينما كانت سنغافورة تتفوق اقتصاديا استطاعت حل مشـ.ـكلة المنازل العشوائية بتخصيص الأراضي وتسليمها إلى القطاع الخاص

مقابل تقديم خدمات راقية للسكان، وبذلك امتلك 85% من السنغافوريين منازلهم الخاصة.

انخفض عدد البطالة إلى 3% عام 1980وارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 7 مليارات دولار عام 1960 إلى 360 مليار في عام 2016

كما ارتفع دخل الفرد من 435 دولارا إلى 80 ألف دولار سنويا في الفترة نفسها.

وتعرض “لي كوان يو” لانتقـ.ـادات تتعلق بنظام حكمه الذي أداره بشكل مباشر طيلة 30 عاما، وبدأت عام 1960 وانتهت بتخليه عن السلطة طوعا عام 1990.

ربما لم يكن “كوان يو” زعيما ديموقراطيا مثاليا فيشار غالبا إلى استمرار عائلته بالحكم عن طريق ابنه “لي هسين لونغ”

الذي تسلم رئاسة الوزراء عام 2004 لكنه رغم ذلك زعيم مجتهد نهض بسنغافورة وحولها من مستنقع فقير إلى مركز مالي عالمي.

وأصبحت تكتظ فيها ناطحات السحب وينعدم الفسـ.ـاد بين مؤسساتها إلى حد كبير، وجواز سفرها يتربع مع ألمانيا في المرتبة الأولى عالميا حتى عام 2017.

كما أن ناتجها المحلي الإجمالي يعادل الناتج المحلي الإجمالي لماليزيا التي تخلت عنها، رغم أن ماليزيا تفوقها مساحة بــ 450 ضعفا.

هذا الرجل الذي يتذكره السنغافوريون بلقب الوزير المعلم أو المعلم الأعلى وعندما مات عام 2015 سجل التاريخ له تركة ثمينة

سمعة طيبة وبلاد غنية تعد واحدة من أقوى اقتصادات العالم، فهل سيكون لبلادنا العربية لي كوان يو يوما ما؟

لي كوان يو .. من هو

سياسي سنغافوري يوصف بأنه باني سنغافورة الحديثة، وصانع نهضتها التي جعلتها ضمن مصاف العالم الأكثر تطورا.

قاد الانفصال عن ماليزيا، وحرص خلال ثلاثين عاما من حكمه للبلاد على محـ.ـاربة الفسـ.ـاد الإداري والبيروقراطية وفسح المجال للاستثمار الدولي. 

ولد لي كوان يو يوم 16 سبتمبر/أيلول 1923 بسنغافورة، ونشأ وسط أسرة صينية استقرت بسنغافورة في القرن 19.

الدراسة والمؤلفات

درس لي كوان بأحسن المدارس الماليزية، وكان يحتل مراتب متقدمة في صفوف الدراسة. وبعد نهاية الحـ.ـرب العالمية الثانية

استطاع تحقيق حلمه بالسفر ودراسة القانون بجامعة كامبريدج، ثم عاد إلى بلده الذي كان وقتها مستعمرة بريطانية وساهم في تفعيل النقاش حول قضايا الاستقلال وإنشاء الدستور.

ترك لي كوان مؤلفا وحيدا هو “قصة سنغافورة”،  يحكي فيه التفاصيل التي عاشها قبل وأثناء وبعد الانفصال عن ماليزيا، وكيف فكر ورفقاءه في بلورة رؤية خاصة لتطوير البلاد، وهو ما تحقق.

الوفاة

توفي لي كوان يو يوم 23 مارس/آذار 2015 عن عمر ناهز 91 عاما، وذكر نجله لي هسين لونغ، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء، أن والده “توفي بدون آلام في المستشفى العام في سنغافورة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى