ثقافة ومجتمع

أشاد به كبار العلماء ولقبوه بأبو الكيمياء.. جابر بن حيان حول الخرافات إلى علوم وألف أكثر من 300 كتاب في الفلسفة وحدها…

أشاد به كبار العلماء ولقبوه بأبو الكيمياء.. جابر بن حيان حول الخرافات إلى علوم وألف أكثر من 300 كتاب في الفلسفة وحدها…

ديلي سيريا _ وكالات

بعد أن جاء الدين الإسلامي لينشر الهداية والنور بين الناس، ولم يكتفي الإسلام بنشر أسسه فقط

بل برز دوره بشكل كبير جداً في نفوس العلماء، فبعد بداية الانتشار الذي حققه الدين الإسلامي ظهر الكثير من العلماء المسلمين

وبأعداد كبيرة في مختلف المجالات، وعبر الأزمنة من عهد نبي الله محمد (ص) وحتى الخلافة الراشدة والحكم الأموي والعباسي

والحكم العثماني وصولاً حتى الآن حافظ العلماء المسلمين على إسهاماتهم الكبيرة في مختلف المجالات والعلوم

وكان من بين الأسماء التي تركت أثراً علمياً كبيراً وإرثً ثقافياً غنياً، العالم المسلم “جابر بن حيان” الملقب بأبو الكيمياء

نظراً لإنجازاته واكتشافاته الواسعة في مجال الكيمياء، والذي لم يقف علمه عند حدود الكيمياء فقط بل كان له دوراً هاماً

في عدة علوم أخرى كالطب والصيدلة وعلم الفلك والهندسة بالإضافة لمعرفته بعلوم أخرى من علوم عصره.

من هو جابر بن حيان “المولد والنشآة ؟

هو عبدالله الأزدي، ولم تتفق المصادر على حول المكان الدقيق لولادته بسبب تنقله المستمر في المدن والبلدان العربية

وذكر عدد من المؤرخين أنه ولد في سوريا ومنهم قال إنه ولد في بغداد، لكن ما أجمعت عليه بعض المصادر أنه ولد في “طوس”

وهاجر من أرض اليمن إلى الكوفة، وعمل في مجال الصيدلة، وكان والد “جابر بن حيان” من أنصار العباسيين في ثورتهم ضد الأمويين

حيث أرسل العباسيين والد “ابن حيان” إلى خرسان ليدعوا الناس لتأييدهم، فقبض عليه الأمويين وقتلوه

إلا أن أسرته استطاعت الهروب إلى اليمن حيث نشأ “جابر بن حيان” ودرس فيها القرآن وبعض العلوم، بالإضافة لممارسته مهنة والده.

وبعد أن استطاع العباسيون ازاحت الأمويين عادت عائلة “ابن حيان” إلى الكوفة، ولهذا ينسب على أنه الكوفي أو الطوسي أو الصوفي

واختلفت المصادر حول ابن حيان كونه عربياً أزدياً أو أنه فارسياً، إلا أن الفيلسوف المستشرق الفرنسي “هنري كوربين”

والذي وجه اهتمامه لدراسة الإسلام يعتقد أن “جابر بن حيان” لم يكن عربيا وإنما كان من موالي قبيلة الأزد

وانضم إلى حلقة الجعفر الصادق، فتلقى العلوم الشرعية واللغوية والكيميائية على يديه، ودرس على يد الحميري

ثم مارس الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير “جعفر البرمكي” أيام الخليفة العباسي هارون الرشید.

عاش “جابر بن حيان” في دمشق القديمة، وكان يقضي معظم يوم في غرفة منعزلة ويجتهد فيها على دراسة الكيمياء في عام 987.

وألف جابر بن حيان أكثر من 300 كتاب في الفلسفة وحدها وكتب 1300 رسالة في صناعة مجموعة الآلات الحربية وله مجلدات في الطب والمنطق وغيرها من العلوم.

أهم إنجازات جابر بن حيان

امتهن جابر بن حيان في بداية حياته الطب وكان انطلاقته نحو العلوم والمعرفة، فيما كان علم الكيمياء مجرد خرافات وأفكار لا تتعدى الأساطير

إلا أن بعض علوم الكيمياء كانت مستخدمة في التحنيط كالطرق التي عمل بها المصريين القدامى في تحنيط جثثهم

بالإضافة لاستخدامها في إنتاج الأعشاب وصاعنة الزيوت وصبغ الجلود، ثم أنار العالم الكبير “ابن حيان” منهجاً عليماً

سار على طريقه من يأتي من بعده،وكما ذكرنا أن “الكيمياء” في عصره لم تتعدى الأساطير، فكان العلم غير ممنهج

ولا يستند على نظرية علمية محددة وصحيحة، وكان من ضمن النظريات المشهورة وقتها

والتي لم تستند على أي أساس علمي صحيح وواضح هي نظرية “تحويل المعادن الرخيصة لمعادن نفيسة”.

ولم تكن تلك النظرية الوحيدة التي ليس لها سند علمي بل كان هناك الكثير من النظريات المماثلة

فاتبع ابن حيان منهج التجريب حتى يثبت الخطأ أو الصحيح لتلك النظريات القديمة للوصول لنتائج صحيحة وحقيقية.

ووضع ثلاثة قواعد في منهجه العلمي التجريبي وهي:

 1- أن يكون عند العالم أو الباحث فرض يفترضه، ومن خلال رؤيته الفرض يضع تفسير مبدأي.

2- أن يستند الباحث أو العالم لطريقة الاستنباط التي قام بافتراضها، ومن ثم يمكنه استنتاج نتائج الفرض الذي وضعه.

3- أن يطبق تلك النتائج التي خرج بها على الطبيعة من حوله كي يتمكن من خلالها أن يتأكد من صحة تلك النتائج.

ومن خلال هذه القواعد نستطيع استخدام فرضيات جديدة فإذا كانت تلك الفرضيات ملائمة للبيئة المحيطة بها ومناسبة لها فهي صحيحة.

واشترط توفر نفس الظروف للتجربة التي يقوم بها، وهكذا يمكن أن يستنتج نظريات وفرضيات جديدة معتمدة على أساس منهج علمي واضح وصحيح.

أهم مؤلفاته العلمية:

استطاع ابن حيان في مسيرته العلمية تأليف ما يقارب الثلاثمائة كتاب في الفلسفة وحدها

كما قام بكتابة 1300 رسالة في مجال صناعة مجموعة آلات الحرب، بالإضافة إلى انجازه العديد من المجلدات في الطب والمنطق وغيرها من العلوم.

ومن أهم المؤلفات التي قدمها:

كتاب الرحمة ودار الحديث فيه إلى كيفية تحويل المعادن لذهب، كتاب استقصاءات المعلم، كتاب الوصية الجابرية.

كتاب نهاية الإتقان، كتاب السموم ودفع مضارها، وغيرها الكثير من المؤلفات العلمية.

أهم الاكتشافات والمساهمات لابن حيان

لم يقتصر دور ابن حيان كونه عالماً فريداً على التأليف فقط، وإنما كان لديه الكثير من الإسهامات التي قدمها للبشرية،

ونذكر هنا أهم الاكتشافات التي وصل إليها ابن حيان، اكتشف بن حيان كلاً من:

ماء الذهب، ماء الفضة، الماء الملكي، حجر الزنجفير، حجر الكي أو ما يسمى بحجر جهنم، الورق الذي لا تأكله النيران.

طلاء يحفظ الثياب من البلل، طلاء يحفظ الحديد من الصدأ، طلاء يحفظ الخشب من الحرق، ملح النشادر، عنصر البوتاسيوم.

سلفيد الزئبق، حامض الكبريتيك، أكسيد الزرنيخ، السم السليماني، كربونات الرصاص، عنصر الصوديوم، زيت الزاج النقي.

حامض الهيدروكلوريك، حامض النيتريك، الصودا الكاوية، وغيرها الكثير من إسهاماته في كافة العلوم.

ماذا تحدث العلماء عن ابن حيان وإنجازاته ؟

اتفق علماء العالم في الشرق والغرب على أهمية العلوم والاكتشافات التي قدمها ابن حيان للبشرية بأثرها

وأُطلق عليه “أبو الكيمياء” لانجازاته الكبيرة في هذا المجال، حيث أن أبحاثه مازالت حتى اليوم تستند على أسس عليمة.

وقال العالم الكبير “ابن خلدون” واصفاً ابن حيان بــ ” إمام المدونيين” في كتابه الشهير “مقدمة ابن خلدون”

عندما كان يتحدث فيه عن علم الكيمياء، وجاء في المقدمة «إمام المدونين فيها جابر بن حيان

حتى إنهم يخصونها به فيسمونها «علم جابر» وله فيها سبعون رسالة».

أما أبو بكر الرازي فقد ذكر في كتابه “سر الأسرار” إن جابراً من أعلام العرب العباقرة وأول رائد للكيمياء

وكان عندما يتكلم عنه يقول باستمرار: «الأستاذ جابر بن حيان».

وذكر ابن النديم في «الفهرست» نبذة عن بن حيان، كما أن أنور الرفاعي قال عنه في مؤلفه

«تاريخ العلوم في الإسلام» بأن: «جابر بن حيان اشتهر بإيمانه وورعه وبتصوفه أيضاً».

وقال المستشرق الألماني “ماكس مايرهوف” وهو معروف باهتمامه بأبحاث علماء المسلمين في الطب

قال عن ابن حيان: «يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى ابن حيان بصورة مباشرة

وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي وضعها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوروبية

بل إن أكثر تلك المصطلحات ما زالت تحتفظ بـ(ال) دلالة على عربيتها».

أما جورج سارطون قال عنه: «لن نتمكن من معرفة القيمة الحقيقية لجابر بن حيان إلا إذا تم تحقيق وتحرير ونشر جميع مؤلفاته».

وقال العالم الفرنس “مارسلان بيرتيلو” عن ابن حيان «إن لجابر بن حيان في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق»

فقد كانت اشتهرت كتب جابر بن حيان في القرن الـ14 بأنها أهم مصدر للدراسات الكيميائية بل وأكثرها أثراً في قيادة الفكر العلمي في العالم أجمع.

وذكر الفيلسوف الإنجليزي (باكون): «إن جابر بن حيان هو أول من علم الكيمياء للعالم، فهو أبو الكيمياء».

بعض العلماء رأو أن ابن حيان هو الذي مهد لاختراع الـ.قنبلة الـــ.ذرية كونه أول من أشار إلى قوة الربط الذرية

التي بنيت على أساسها عملية تفجير طاقة الذرة، حيث قال في نصه «في قلب كل ذرة قوة لو أمكن تحريرها لأحرقت بغداد».

وفاة جابر بن حيان بعد حياة مليئة بالعطاء:

شعر ابن حيان بأن موعد رحيله عن هذه الدنيا قد اقترب، فقام وهيأ نفسه للصلاة بعد أن توضئ

وأحسن الله خاتمته وهو في السجدة الأخيرة بصلاة الفجر، فأحسن الله خاتمته ورفعت روحه لخالقها سبحانه.

فتوفي في العام 194 هجرياً / 814 ميلادياً وشهدت جنازته عدد كبير من تلاميذه ومجموعة من كبار العلماء

وفي مقدمة الجنازة الخليفة المأمون ابن الخليفة هارون الرشيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى